استقبل المسلمون شهر رمضان المبارك منذ أيام. من المفروض أن يسود هذا الشهر الهدوء والأمان ومعاقبة الشر ومكافأة الخير، لكن في الشرق الأوسط المضطربة، ما زالت نيران الحرب مشتعلة في بعض الدول والمناطق. لقد استمرت الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لأكثر من خمسة أشهر، وتزداد حدة التوتر في البحر الأحمر. ناهيك عن الحرب في السودان التي دامت لحوالي عام كامل، فيما تتسع التداعيات السلبية للأوضاع في المنطقة، تزداد تطلعات شعوب الشرق الأوسط إلى السلام في شهر رمضان.
شهدت منطقة الشرق الأوسط الاضطرابات والحروب منذ وقت طويل، وعانت شعوبها بما يكفيه من المعاناة، ويتساءل الناس: "أين طريق السلام للشرق الأوسط؟" "اطلب العلم ولو في الصين"، أضاءت هذه المقولة العربية القديمة الطريق أمام شعوب الشرق الأوسط الحائرة، وصوب عدد متزايد من أصحاب الرؤية في الشرق الأوسط أنظارهم إلى الشرق. لمواجهة الأوضاع الأمنية المتغيرة والمضطربة على المستويين الدولي والإقليمي، طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة الأمن العالمي، ودعا إلى التكيف مع المعادلة الدولية التي تمر بتعديلات عميقة بروح التضامن، ومواجهة التحديات الأمنية المعقدة بعقلية الكسب المشترك، والعمل يدا بيد على بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية. ظلت الصين تعمل على تنفيذ مبادرة الأمن العالمي في الشرق الأوسط، وتتحرك بخطوات ثابتة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
يعد وقف إطلاق النار الشرط المسبق لتحقيق السلم والأمن. منذ اندلاع هذه الجولة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عملت الصين على الدفع بإنهاء الصراع وحماية المدنيين والتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة. في هذا السياق، ترأس عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية وانغ يي الاجتماع رفيع المستوى بشأن القضية الفلسطينية في مجلس الأمن الدولي، ودعا بشدة المجتمع الدولي إلى "اتخاذ إجراءات أكثر فعالة لإنقاذ الأرواح واستعادة السلام عند مفترق الطرق بين الحرب والسلام". كما تدعو الصين دائما في مجلس الأمن الدولي وغيره من المناسبات متعددة الأطراف إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، وبلورة أكبر قدر ممكن من التوافق الدولي، ودفع مجلس الأمن الدولي لتبني أول قرار منذ اندلاع الصراع. ويعد تصعيد الوضع في البحر الأحمر أحد التداعيات للصراع في قطاع غزة، وتدعو الصين الأطراف المعنية إلى التوقف عن مضايقة السفن المدنية، وفي الوقت نفسه، تؤكد على ضرورة معالجة المشكلة من ظواهرها وبواطنها في آن واحد، وإنهاء الحرب في غزة في أسرع وقت ممكن. بعد اندلاع الصراع في السودان، تدعو الصين طرفي الصراع أكثر من مرة إلى تغليب مصالح الشعب ووقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن، والدفع بتهدئة الأوضاع وحل الخلافات عبر الحوار. كما دفعت مجلس الأمن الدولي لتبني القرار المعني بوقف إطلاق النار في شهر رمضان.
يعد التضامن وتقوية الذات الأساس لتحقيق السلم والأمن. تعاني منطقة الشرق الأوسط كثيرا من الحروب والاضطرابات منذ وقت طويل، وذلك لا ينفصل عن التدخلات الخارجية. تقوم بعض الدول بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول الشرق الأوسط وإثارة الحروب على هواها تحت ستار "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان". "أشاروا إلى الأنقاض، وقالوا إنها السلام"، إن هذا القول المشهور للمؤرخ الروماني القديم تاسيتوس يكشف عن طبيعة تصرفات هذه الدول في الشرق الأوسط. فأدركت دول الشرق الأوسط بشكل معمق أنها لا تستطيع خلق الطريق الخاص للشرق الأوسط نحو السلام، إلا من خلال الإمساك بمستقبلها في أيديها وتعزيز التضامن والتعاون وتقوية القوة الداخلية لتعزيز أمن المنطقة. في هذا السياق، نجحت الصين في تحقيق المصالحة التاريخية بين السعودية وإيران، مما حرّك موجة المصالحة في الشرق الأوسط، وقدم المساهمة لتعزيز سلام الشرق الأوسط بخطوات ملموسة. وستواصل الصين دعم دول الشرق الأوسط لاستكشاف الطرق التنموية بشكل مستقل، وتعزيز الاستقلالية الاستراتيجية والتضامن وتقوية الذات.
يعد الالتزام بالحق المبدأ لتحقيق السلم والأمن. إن القضية الفلسطينية لب قضية الشرق الأوسط. وإن السبب الرئيسي لتطورات وضع في فلسطين وإسرائيل يكمن في تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة الدولة والبقاء والعودة منذ وقت طويل. لا يجوز استمرار الظلم التاريخي للشعب الفلسطيني إلى أجل غير مسمى. عليه، ظلت الصين تلتزم بالعدالة والإنصاف الدوليين، وتسعى إلى الدفع بالحل الشامل والعادل والدائم للقضية الفلسطينية في يوم مبكر. قد قدمت الصين دفعات عديدة من المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة، وتبذل جهودا حثيثة في دفع الفصائل الفلسطينية لتحقيق المصالحة عبر الحوار، وتدعم بثبات "حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين"، ونشرت وثيقة موقف الصين من حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتدعم فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وتدعو إلى عقد مؤتمر دولي للسلام على نطاق أوسع وبمصداقية أكثر وفعالية أكبر، لوضع الجدول الزمني وخارطة الطريق لتنفيذ "حل الدولتين". ظلت الصين تقف إلى جانب السلام والعدالة، وتبذل جهودا دؤوبة لتحقيق الأمن الدائم في المنطقة.
يعد تعزيز التنمية الضمان لتحقيق السلم والأمن. إن أكثر ما تحتاج إليه شعوب الشرق الأوسط هو الأمن، وأكثر ما تتطلع إليه هو التنمية. لقد أثبتت الممارسات مرارا وتكرارا أن الأمن الشرط المسبق للتنمية، وأن التنمية الضمان للأمن. في هذا السياق، تهتم الصين بتعزيز التعاون العملي مع دول الشرق الأوسط في مختلف المجالات، وتدعمها لتطوير الاقتصاد وتحسين معيشة الشعب، بما يرسخ الأساس للأمن والأمان الدائمين. ويزدهر التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط في بناء "الحزام والطريق"، حيث تعد الصين أكبر شريك تجاري للشرق الأوسط، وتجاوز حجم التبادل التجاري بين الجانبين 475 مليار دولار في عام 2023، وتسير آلية مؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب وندوة الاستثمارات بشكل سلس، بما يوفر منصة فعالة لتعميق وتوسيع التعاون العملي بين الجانبين، وتزداد رغبة الجانبين في تعزيز التعاون. كما تعمل الصين على تعميق التواصل والتعاون مع دول الشرق الأوسط في مجالات البنية التحتية والطاقة والمواصلات والتصنيع والتجارة والاستثمار والتكنولوجيا العالية والابتكار والتنمية الخضراء والاقتصاد الرقمي، الأمر الذي يحقق التفاعل الإيجابي بين التنمية والأمن.
"إن الأمن القائم على الأخلاق والمفاهيم الصحيحة هو الأمن الثابت والدائم." هكذا كتب "الوثيقة المفاهيمية لمبادرة الأمن العالمي". في مواجهة المأزق الأمني الراهن في الشرق الأوسط، ستواصل الصين الالتزام بروح مبادرة الأمن العالمي، ودعم دول الشرق الأوسط لتعزيز الاستقلال الاستراتيجي، وتسوية القضايا الأمنية الإقليمية عبر التضامن والتنسيق، وإقامة منظومة جديدة للأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام في الشرق الأوسط، بما يقدم مساهمات أكبر في الحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتعزيز الأمن والأمان الدائمين فيها. من المؤكد أن الجهود المشتركة المبذولة من الصين ودول الشرق الأوسط ستحقق حلم المنطقة بالأمان في شهر رمضان وإحلال السلام الدائم فيها.
领取专属 10元无门槛券
私享最新 技术干货